سورة الإسراء - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإسراء)


        


{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} قرأ مجاهد: {أمرنا} بالتشديد أي: سلطنا شرارها فعصوا وقرأ الحسن وقتادة ويعقوب {آمرنا} بالمد أي: أكثرنا.
وقرأ الباقون مقصورا مخففا أي: أمرناهم بالطاعة فعصوا ويحتمل أن يكون معناه جعلناهم أمراء ويحتمل أن تكون بمعنى أكثرنا يقال: أمرهم الله أي كثرهم الله. وفي الحديث: «خير المال مهرة مأمورة» أي كثيرة النسل. ويقال: منه أمر القوم يأمرون أمرا إذا كثروا وليس من الأمر بمعنى الفعل فإن الله لا يأمر بالفحشاء.
واختار أبو عبيدة قراءة العامة وقال: لأن المعاني الثلاثة تجتمع فيها يعني الأمر والإمارة والكثرة.
{مُتْرَفِيهَا} منعميها وأغنياءها {فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ} وجب عليها العذاب {فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} أي: خربناها وأهلكنا من فيها.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي حدثنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا يحيى بن بكر حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن زينب بنت أبي سلمة حدثته عن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا وهو يقول: «لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها» قالت زينب فقلت: يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم إذا كثر الخبث».


قوله: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ} أي: المكذبة {مِنْ بَعْدِ نُوحٍ} يخوف كفار مكة {وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} قال عبد الله بن أبي أوفى: القرن مائة وعشرون سنة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول قرن وكان في آخره يزيد بن معاوية.
وقيل: مائة سنة. وروي عن محمد بن القاسم عن عبد الله بن بسر المازني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على رأسه وقال: «سيعيش هذا الغلام قرنا» قال محمد بن القاسم فما زلنا نعد له حتى تم له مائة سنة ثم مات.
قال الكلبي: ثمانون سنة. وقيل: أربعون سنة. {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ} يعني الدنيا أي: الدار العاجلة، {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ} من البسط والتقتير {لِمَنْ نُرِيدُ} أن نفعل به ذلك أو إهلاكه {ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ} في الآخرة {جَهَنَّمَ يَصْلاهَا} يدخل نارها {مَذْمُومًا مَدْحُورًا} مطرودا مبعدا. {وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} عمل عملها، {وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا} مقبولا. {كُلا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ} أي: نمد كلا الفريقين من يريد الدنيا ومن يريد الآخرة، {مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} أي: يرزقهما جميعا ثم يختلف بهما الحال في المآل {وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ} رزق ربك {مَحْظُورًا} ممنوعا عن عباده فالمراد من العطاء: العطاء في الدنيا وإلا فلا حظ للكفار في الآخرة.


{انْظُرْ} يا محمد {كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} في الرزق والعمل الصالح يعني: طالب العاجلة وطالب الآخرة، {وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا} {لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم والمراد غيره.
وقيل: معناه لا تجعل أيها الإنسان مع الله إلها آخر {فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولا} مذموما من غير حمد مخذولا من غير نصر. قوله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ} وأمر ربك قاله ابن عباس وقتادة والحسن.
قال الربيع بن أنس: وأوجب ربك.
قال مجاهد: وأوصى ربك.
وحكي عن الضحاك بن مزاحم أنه قرأ ووصى ربك. وقال: إنهم ألصقوا الواو بالصاد فصارت قافا.
{أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} أي: وأمر بالوالدين إحسانا برا بهما وعطفا عليهما.
{إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ} قرأ حمزة والكسائي بالألف على التثنية فعلى هذا قوله: {أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا} كلام مستأنف كقوله تعالى: {ثم عموا وصموا كثير منهم} [المائدة- 71] وقوله: {وأسروا النجوى الذين ظلموا} [الأنبياء- 3] وقوله: {الذين ظلموا} ابتداء وقرأ الباقون {يبلغن} على التوحيد.
{فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} فيه ثلاث لغات قرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب: بفتح الفاء وقرأ أبو جعفر ونافع وحفص بالكسر والتنوين والباقون بكسر الفاء غير منون ومعناها واحد وهي كلمة كراهية.
قال أبو عبيدة: أصل التف والأف الوسخ على الأصابع إذا فتلتها.
وقيل: الأف: ما يكون في المغابن من الوسخ والتف: ما يكون في الأصابع.
وقيل: الأف: وسخ الأذن والتف وسخ الأظافر.
وقيل: الأف: وسخ الظفر والتف: ما رفعته بيدك من الأرض من شيء حقير.
{وَلا تَنْهَرْهُمَا} ولا تزجرهما.
{وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا} حسنا جميلا لينا قال ابن المسيب: كقول العبد المذنب للسيد الفظ.
وقال مجاهد: لا تسميهما ولا تكنهما وقل: يا أبتاه يا أماه.
وقال مجاهد في هذه الآية أيضا: إذا بلغا عندك من الكبر ما يبولان فلا تتقذرهما ولا تقل لهما أف حين تميط عنهما الخلاء والبول كما كانا يميطانه عنك صغيرا.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8